ثوار 1936

عبد الحليم الجيلاني

المناضل عبد الحليم الجيلاني (أبو منصور)

(1908 – 2002)

 

Abdulhalim Al Jilany

ولد عبد الحليم محمد الجيلاني عام 1908م في مدينة خليل الرحمن، ويعود نسبه إلى الشيخ العالم العارف عبد القادر الجيلاني صاحب الطريقة المعروفة باسمه ، وقد أرسل إلى الكرك في عام 1915م، وعمره لا يتجاوز سبع سنوات، حيث أقام عند عمته لطيفة الجيلاني وزوجها يوسف، وهناك تعلم في الكتاتيب ليتلقى علومه الأولية، كما تعلم الفروسية وركوب الخيل عند سليم وعطا الله المجالي.

وفي سنة 1917م عاد إلى الخليل عن طريق وادي الموجب إلى عمان، ومنها القدس فالخليل. و في سنة 1920م حاول السفر إلى مصر مع عمه إلا انه فشل وسجن وسبب ذلك انه حاول السفر عن طريق جواز سفر لشخص آخر، وهو محمد يوسف عابدين في سجن الخليل، وخرج بكفالة من رئيس البلدية ناصر الدين. وبالرغم من ذلك قام عام 1923م برحلة إلى مصر عن طريق الرملة مع ابن عمه علي محمد صالح الجيلاني، من اجل معرفة أخبار والده الذي وجده متوفيا، وتاركا له ولدا اسمه محمود في الصعيد، فأحضره معه إلى الخليل وقام بتربيته، وقد اشتهر عبد الحليم الجيلاني (ويلقب بالشلِف) وهو فخذ من فخوذ تلك العائلة والمنصور لأنه عرف بالجرأة والشجاعة.

ومنذ تفتحت عينيه وهو يرى الإنجليز يظلمون شعبه فأصبحت نفسه تتوق للثورة. فحاول الحصول على سلاح أحد الجنود الإنجليز سنة 1931م إلا انه فشل وحكم عليه بالسجن لمدة ستة اشهر. وبعد خروجه قام ببيع أملاكه الكائنة في باب السلسلة بالقدس القديمة لشراء السلاح، واخذ يقوم بأعمال فردية، منها قتل جنود إنجليز، والتحريض على الاستعمار البريطاني والمشاركة في الإضرابات والمظاهرات ضد المستعمر وخطط الصهيونية. اشترك الجيلاني في المظاهرات التي أقيمت في فلسطين ضد السياسة الاستعمارية البريطانية في عام 1933م وكان يحث المتظاهرين في خطبه الحماسية على الجهاد والمزيد من المظاهرات والثورات ضد الإنجليز.

 وفي 25/3/ 1934م وجه عبد القادر الحسيني دعوة لعقد اجتماع موسع لقيادة التنظيم، وقد شارك المجاهد عبد الحليم الجيلاني في هذا الاجتماع. وبعد الإضراب العام في فلسطين سنة 1936م الذي استمر حتى ستة اشهر، قام عبد الحليم الجيلاني بتحريض الشعب على حمل السلاح أمام قوات الانتداب البريطاني، فقام أيضا من خلال ذلك بتنظيم ما يقارب على 20 شابا من الخليل وتم تدريبهم على حمل واستعمال السلاح، وقام أيضا بتشكيل فصائل للثورة في عموم حارات الخليل البالغة أربع عشرة حارة، وقام هو ومن انضم إليه بضرب دوائر ومصالح الاحتلال وإتلاف وتعطيل الخدمات والمواصلات التي تمد جنود الانتداب بالتموين والعتاد.  شكل الجيلاني شبه دولة في منطقة الخليل، سماها المعاصرون له دولة شعب الملح، تحدى من ذاك المكان طائرات العدو وجنوده، وأصبحت جميع منطقة جنوب فلسطين تحت سيطرته، كان قد التحق بثورته مئات من المجاهدين من أهل الخليل ومنطقتها.

 قام مع المجاهدين بمساعدة زعيم الجهاد المقدس الشهيد عبد القادر الحسيني وقام بالسيطرة على المستعمرات الصهيونية الواقعة بين الخليل والقدس. و يوم 6/10/1936م، اشترك في معركة الخضر التي جرح بها القائد عبد القادر الحسيني وبقي عبد الحليم الجيلاني مرافقا له حتى دمشق، وعاد إلى فلسطين ليقارع الاستعمار. وفي أواخر عام 1937م شكلت في دمشق لجنة لدعم الثورة في فلسطين تدعى “اللجنة المركزية للجهاد الوطني في فلسطين” تولى إدارتها عزة دروزه بتوجيه من الحاج أمين الحسيني، وبذلك أصبحت دمشق مركز تجميع وتسليح وإرسال الأسلحة للمجاهدين، وتولى القيادة في الداخل قادة بارزون يرتبطون بأوثق الصلات بالفلاحين والقرى التي تقع ضمن مناطق عملياتهم، وكان أبرز قادة المرحلة الثانية من الثورة عبد الرحيم الحاج محمد (القائد العام) وعارف عبد الرازق في منطقة المثلث وعبد القادر الحسيني في منطقة القدس وعبد الحليم الجيلاني في منطقة الخليل، وقادة آخرون في مناطق مختلفة. أما المرحلة الأولى فكانت أثناء الإضراب. أصدر الملوك العرب (الأمير عبد الله والملك السعودي وملك العراق) نداءً إلى أبنائهم عرب فلسطين للإخلاد للسكينة ووقف الإضراب، فلبى الطلب عرب فلسطين وأصدرت اللجنة العربية العليا أمراً لإيقاف الإضراب، ثم جاءت لجنة بيل الإنجليزية فأوصت بتقسيم فلسطين، لذا اندلعت نار الثورة الفلسطينية من جديد في شهر أيلول عام 1937م.

 وفي يوم 25/5/1938م قام المجاهد عبد الحليم الجيلاني يقود العشرات من الثوار بربط كمين لقافلة سيارات تابعة للجيش الإنجليزي وبعض الشرطة العرب، حيث استولى الثوار على 36 قطعة من السلاح وبعض العتاد والذخيرة وافرج عن ركاب القافلة بسلام. وقام المجاهد الجيلاني باحتلال مدينة الخليل لمدة طويلة وقطع المواصلات إلى القدس. مما حدا بالجيش البريطاني أن يبحث عن الثوار بالطائرات وبقصف مواقعهم وقراهم.

كان قائد منطقة الخليل عيسى البطاط وقد استشهد عام 1938 نتيجة لإخبارية غادرة دلت على وجوده في إحدى المنازل بالقرب من قرية القبيبة. فاستلم القيادة بعده عبد الحليم الجيلاني. ورقم منطقته(20) وامتد نشاط الجيلاني حتى شمل جبال الخليل وقسماً من بئر السبع في صيف عام 1938م وكان على نزاع دائم مع عبد الرحمن العزة من بيت جبرين لتعاون الأخير مع عصابات فخري النشاشيبي المتعاونة مع الاستعمار والتي تدعى عصابات السلام. وقد استطاع الجيلاني أن يجلب العزة لصفّه لمقارعة الاستعمار ومن المعروف أن العزة هو رئيس فصيل بيت جبرين، ولم يفكر الجيلاني بقتل العزة أو غيره خوفاً من أن تنقلب الثورة إلى الأخذ بالثأر (الدموم) بين العائلات.  شعر المجاهدون في الخليل أن عليهم مسؤوليات كثيرة لتحرير فلسطين وكان على رأسهم عبد الحليم الجيلاني الذي تولى قيادة منطقة الخليل، فقام بتأسيس نواة لجيش نظامي بلغ تعداده خمسين رجلاً، وانتخبت القيادة العامة لهذا الجيش مكونة من:

  1. عبد الحليم الجيلاني (قائداً عاماً)
  2. سعيد عبده (مساعداً للقائد العام)
  3. شكري زيتون
  4. الحاج ناجي القواسمي
  5. محمد إسماعيل مرعب
  6. عبد الرزاق الجيلاني
  7. محمد سليمان منصور
  8. عبد شاكر الجنيدي
  9. عبد الأشهب
  10. هاشم الدويك
  11. يونس الجيلاني
  12. يوسف جنيد
  13. صادق الجعبري
  14. محمد عمر النتشة
  15. منير البكري
  16. زين الدين مسوده
  17. سليمان العوامة
  18. إبراهيم أحمد أبو دنهش
  19. جميل العزة
  20. عبد العزيز الديري
  21. محمود أبو شخيدم
  22. عبد الرحمن شاكر الجنيدي

وعين الجيلاني مستشارين له هم السادة الأستاذ عبد الخالق يغمور والأستاذ عمر التكروري والأستاذ مخلص عمرو. وأصدرت القيادة العامة أمراً إلى كل مخاتير الخليل طلبت فيه من كل مختار حارة أن ينسب خمسين شاباً من شبابها وتسليحهم ويبقى هؤلاء الشباب في مزارعهم ووظائفهم إلى حين طلب القيادة العامة التحاقهم في صفوف المجاهدين. ذهب القائد الجيلاني إلى قرية حلحول ليلاً فكانت أول قرية يدخلها الجيلاني لجمع مجاهدين. وأمر مختاريها ملحم وعبد الهادي بتنسيب عشرة شباب من كل حمولة مع التسليح التام فاستجابت حمائل حلحول لطلب القائد الجيلاني وإخوانه. واتصلت القيادة بعموم قرى الخليل وطلب من كل حمولة تقديم عشرة شباب من كل حمولة مع التسليح التام فاستجابت حمائل حلحول لطلب القائد الجيلاني وإخوانه. واتصلت القيادة بعموم قرى الخليل وطلبت من كل حمولة تقديم عشرة مجاهدين للجهاد، فاستجابت القرى لذلك. ولكثرة أعداد المجاهدين تم تقسيمهم إلى قسمين. الأول جيش نظامي وعدده (500) مجاهد، والثاني جيش احتياطي يستدعى حين الطلب. وبقي يحشد المجاهدين من عدة مناطق حتى وصل حدود مصر في مهمته.

عقدت القيادة العامة في الخليل اجتماعاً في شعب الملح لكافة المجاهدين ومن المعروف أن شعب الملح هو مكان مناسب للثورة حيث يقع غربي مدينة الخليل وفيه عدد من الجبال والوديان ومن الصعب على الإنجليز ملاحقة الثوار في تلك المنطقة لوعورتها وكثرة التعاريج الطبيعية فيها، وفي المنطقة عدد من المغر (مفردها مغارة) استعملها الثوار كسجن ومحكمة للثورة ومأوى للمجاهدين ومكان لحفظ السلاح. وقد قررت قيادة الثورة في هذا الاجتماع ما يلي:

  1. 1. إعلان العصيان المدني على الإنجليز ومقاطعة محاكمهم ورفض أوامرهم.
  2. أن يقوم الشعب بارتداء الكوفية والعقال دعماً للمجاهدين الذين كانوا يطاردون من قبل الإنجليز لارتدائهم هذا اللباس.
  3. رفض جوازات السفر البريطانية ورفض كل تصريح أو هوية شخصية صادرة من قبلهم وكل من يحمل هوية شخصية أو جواز سفر صادر عن الإنجليز دون علم القيادة يحكم عليه بالإعدام.

استقر الجيلاني في منطقة شعب الملح غربي المسكوبية في الخليل، وبدأ ثورته من هناك، وانضم له عدد كثير من المجاهدين، ولمع اسمه وصيته في الخليل كلها، وأصبح يخافه الإنجليز وحسبوا له ألف حساب، وقد أطلق على المنطقة التي استقر فيها بدولة شعب الملح تعبيراً عن قوته وقوة الثورة. وكان هو قائدها “ولا يتحرك شيء في هذه الدولة إلا بإذنه”.

لم يكتف الجيلاني بحرب الإنجليز بل اهتم أيضاً برعاية شؤون الأهالي فكان يتقبل شكاوي الناس ويأمر بحلها، فإذا لم تستطع المحكمة الشرعية حل بعض الأمور كان يستشير قاضي (حكومة شعب الملح) وهو الشيخ عبد الحي عرفه.  وذكر عيد أحمر و على لسان والده قائلاً أنه عاصر ستة حكومات في فلسطين هي الحكومة التركية والحكومة الإنجليزية وحكومة شعب الملح والحكومة المصرية والحكومة الأردنية وإسرائيل وهذا دلالة على قوة ثورة الشلف التي تعتبر كأنها حكومة.  خطط الجيلاني لاحتلال مدينة الخليل وطرد الإنجليز منها، وكان هذا أول عمل نظامي قام به حيث تجمع لديه ألف مقاتل وهاجموا الخليل من خمس جهات في5/5/1938 م, لقد أطلق على القوات الموجودة في جبل الخليل “الجيش العربي الجنوبي” وقائدها عبد الحليم الجيلاني. لقد أعلن القائد أن طريق القدس الخليل غير آمن إطلاقاً حتى في النهار، لذا نُسفت الجسور ولغمت الطرق الفرعية في الحقول، وأخليت مراكز الشرطة في المنطقة كلها وتعرض مركز الشرطة في الخليل لهجمات عنيفة من المجاهدين. وكان المجاهدون ينزلون من الجبال ليلاً إلى السهول ويقطعوا أسلاك التلفونات ويقيموا كمائن للدوريات الإنجليزية ليلاً خوفاً من ضرب الطائرات لهم نهاراً. دخل الثوار مدينة الخليل واستولوا على مركز البرق والبريد وبنك باركليز ورفع العلم الفلسطيني على كل دائرة حكومية في الخليل، وبقيت المدينة محررة لمدة 24 ساعة، ولما علمت السلطات البريطانية بذلك أرسلت الطائرات لتعقب الثوار، فانسحب هؤلاء إلى قراهم ولم يبق مع القائد سوى 250 مناضلاً. وقد فرض الجيلاني ضريبة على موظفي الدولة قيمتها 25% من الراتب تدفع للثورة، كما بدأت الجالية الفلسطينية في القاهرة بالتبرع للثورة بمبالغ شهرية مكنت رجال الثورة من الاستمرار في ثورتهم ضد الإنجليز.

جاء الإنجليز بقوات كبيرة لتعقب الثوار وبدأوا بتطويق القرى والمدن واعتقال كل شخص يرتدي الكوفية والعقال وهذا اللباس هو رمز الثورة، عندئذ أصدر القائد الجيلاني أمراً إلى جميع الشعب عن طريق بيانات ومناشير بارتداء الكوفية والعقال بدلاً من الطربوش الذي كان استعماله سائداً في فلسطين. وهكذا أصبحت الكوفية والعقال رمزاً للجهاد في فلسطين وذلك إعلاناً لتضامن سكان البلاد التام في الجهاد ورمزاً لكون جميع من في البلاد ثائراً ابتداءً من 27/8/1938م. وهكذا سار الثوار مع الشعب جنباً إلى جنب بلباس الرأس: الكوفية والعقال وهذا أعاق خطة الإنجليز بالقبض على الثوار الذين يلبسون الحطة والعقال على رؤوسهم. وقد ذكر تشارلز تيغارت الضابط الإنجليزي المسؤول عن القضاء على الثورة الفلسطينية ومطاردة الثوار أنه تشكلت في فلسطين منظمات وخلايا تضم ما بين 6-50 ثائراً في كل مجموعة. كما شكل الثوار جمعية ثورية للدفاع عن القدس كان من بين أعضائها شباب من الخليل وكانت الجمعية تعطي من 5-10 جنيهات فلسطينية لكل من يقوم بعملية فدائية أو قتل جندي إنجليزي. وعدت سلطة الانتداب بتقديم مكافآت مالية للذين يقدمون معلومات عن مكان وجود المجاهدين، “واعترف وزير المستعمرات البريطانية بالفشل أمام لجنة الانتداب عام 1938م حيث قال أنه أعلن عن مكافآت مجموعها عشرون ألف جنيه لاعتقال المتهمين بقيادة الثورة فلم يتقدم أحد”. وقد زار وزير المستعمرات البريطانية فلسطين وذلك للاطّلاع عن كثب على الحالة في فلسطين، وكانت زيارته قبل صدور قرار اللجنة الفنية بالنسبة للتقسيم، وأذاع الوزير أثناء عودته إلى لندن قائلاً: “إن فلسطين أسوأ بلد في العالم، وأن قمع الثورة ليس بالسهولة المظنونة وأنها قد تستمر أمداً طويلاً، ولهذا أقدم الوزير على العدول عن فكرة التقسيم والجنوح إلى تهدئة العرب وإيجاد حل مناسب بالتباحث مع الأمة العربية بحكوماتها ووصفت الرواية الإسرائيلية الحالة في فلسطين قائلة أن “الشارع والبيت والمسجد والمقبرة جميعها في قبضة الإرهاب” أي في قبضة الثوار الأبطال.

الهجوم على مركز البوليس الإنجليزي في بئر السبع:

وقرر المجاهدون برئاسة الجيلاني الهجوم على مركز البوليس الإنجليزي في بئر السبع، فخططوا أولاً لرصد ومراقبة تحركات الجيش الإنجليزي في بئر السبع، واعتمد الثوار في عملية الرصد على أساتذة من الخليل كانوا يقومون بالتدريس هناك وهم الأساتذة عمر التكروري وإسماعيل حجازي وأكرم دودين وهاشم التكروري، واجتمع الثوار مراراً مع الأساتذة كي يعلموا عن تحركات الجيش، وساعد الأساتذة في مراقبة الجيش الإنجليزي الشيخ سلمان أبو الربيعات من بئر السبع والشاويش العربي داود العقيلي وهو من جماعة الربيعات.  خرج المجاهدون من الخليل بقيادة الجيلاني من شعب الملح إلى بئر السبع وعددهم ألف مجاهد وقام الجيلاني بوضع مجاهدين على طريق القدس الخليل وفرقة أخرى لحراسة جنوب الخليل وقطع طريق غزه الخليل وذلك لضمان عدم تمكين وصول نجدات إنجليزية إلى بئر السبع. سار المجاهدون بتاريخ 9/9/1938م على متن 11 مركبة تحمل الثوار وقطعت 40كم، وانطلق الثوار من الظاهرية ظهراً إلى نقطة التجمع (عين الأنقر) وكانت أربع فصائل وزعها الجيلاني. وفي الساعة الثالثة من ظهر ذلك اليوم تمكن الجيلاني من السيطرة على مستودعات الأسلحة في المدينة وغنموا 250 بندقية و250 صندوق من الذخيرة و50 مسدساً و200 قنبلة ومائة بندقية ومدفع رشاش سريع الطلقات، استعمله الثوار في المعركة وتمكنوا من إسقاط طائرات بريطانية. ثم فتح أبواب السجن وأطلق سراح السجناء العرب وتمت هذه العملية كلها في نصف ساعة. وقد أعطى القائد كل منهم بندقية وذخيرة. وقد قتل من الإنجليز كبير موظفي البوليس وعدد من الجنود الإنجليز وظل الثوار يسيطرون على بئر السبع مدة 70 يوماً حتى قدم الطيران وسيطر عليها مرة أخرى. وبعد المعركة سار المجاهدون إلى دوائر الحكومة يهللون ويكبرون، فاحتلوا دوائر الحكومة وفتشوها واستولوا على ما يفيد ثم أحرقوها، وفي الصباح انسحبوا وهذه أول معركة كبيرة تقع في الجنوب مما أذهل الإنجليز الذين كانوا مطمئنين إلى منطقة بئر السبع لا تسهم في الثورة.  أهدى القائد الجيلاني للأستاذ عارف العارف الذي كان يشغل منصب القائم مقام لمدينة بئر السبع بندقية كرمز للأخوة الإسلامية التي تجمعهم وكرمز للكفاح. وتم تعيين السيد عبد الله أبو ستة رئيس فصيل بئر السبع لحفظ الأمن.  وعندما سمع عبد الرحيم الحاج محمد قائد منطقة الشمال أخبار انتصارات الجيلاني في بئر السبع بعث له رسالة طلب منه تزويد الثوار في الشمال ببضع الأسلحة التي غنمها الجيلاني والثوار.

معركة بني نعيم الكبرى:

وجرت معركة بني نعيم الكبرى في 4/10/1938م بين المجاهدين وبين القوات الإنجليزية، وقصة هذه المعركة أن الإنجليز استطاعوا شراء بعض ذوي الضمائر الشريدة للإيقاع بعبد القادر الحسيني ورجاله الثوار الذين كانوا خارج الخليل، فأرسل مختار قرية بني نعيم خطاباً إلى عبد القادر الحسيني يدعوه للحضور إلى بني نعيم لحل إفساد مزعوم وقع بين المجاهد عبد الحليم الجيلاني وبين أهالي جبل الخليل. لبى عبد القادر الدعوة وذهب إلى بني نعيم مع 30-40 رجلاً وقصد دار المختار المتآمر مع الإنجليز ضد المجاهدين، فأخر المختار موعد الغداء حتى يكتمل التطويق البريطاني الذي كان متمركزاً في قرية يطا. قام الإنجليز بتطويق القرية وجرت معركة خطط لها الإنجليز، وعددهم 3000 جندي تدعمهم الطائرات والدبابات بقيادة القائد الإنجليزي ويفل. انسحب عبد القادر من القرية خشية تدميرها وجرت المعركة خارج القرية، وقد خف لنجدته عبد الحليم الجيلاني الذي قام بتطويق القوات البريطانية المحاصرة لعبد القادر في بني نعيم. خسر المجاهدون 30 شهيداً منهم علي حسين الحسيني الذي دفنه الجيلاني. وفي روايات ذكرت أن عدد الشهداء 80 شهيداً من جماعة عبد القادر الحسيني وشهيداً واحداً من جماعة الجيلاني. ومن الشهداء عمر الحسيني شقيق سليم الحسيني وهما نجلا رئيس بلدية القدس الأسبق حسين سليم الحسيني. كما استشهد إبراهيم خليف قائد فصيل بيت لحم وعيسى أبو قدوم قائد فصيل عرب التعامرة والقائد عبد الله مشعل وغيرهم. نقل الجيلاني سراً الجريح عبد القادر الحسيني على جمل من بني نعيم ليلاً إلى بيت الشيخ عبد الكريم القواسمي ثم اصطحب معه حسن عابدين وخليل عابدين كممرضين وطلب من الدكتور مستر صوفر معالجة هذا الجريح لأنه يهمه أمره، دون أن يذكر اسمه، واستمرت مدة العلاج 13 يوماً، وفي النهار قام الجيلاني بدفن علي الحسيني وآخرين من الشهداء. وأحضر المجاهد الجيلاني بعد فترة العلاج سبعين مجاهداً لنقل عبد القادر للأردن، فحمله على فرسه واتجه نحو نهر الأردن حيث ينتظره جماعة من آل الجيلاني. ثم تم نقل عبد القادر الحسيني إلى بيروت حيث قام الجيلاني بتسليمه إلى سماحة الحاج أمين الحسيني لوضعه تحت العلاج الكامل. ثم رجع الجيلاني إلى فلسطين.

 

معركة “جورة بحلص” و اسقاط الطائرات البريطانية:

بتاريخ 11/10/1938م خطط الجيلاني وجماعته في شعب الملح القيام بمعركة كبرى مع الإنجليز فكانت معركة جورة بحلص ، استطاع الجيلاني مع إخوانه الثوار التصدي لقافلة إنجليزية مكونة من أربع سيارات فيها 70 جندياً بريطانياً في منطقة جورة بحلص بين حلحول والخليل، وبعد معركة ضارية قتل فيها سبعين جندياً واستولى القائد الجيلاني وإخوانه الثوار على كافة أسلحتهم بعد أن حرقوا سياراتهم، وقد اشترك في هذه المعركة أكثر من مائتي متطوع من أبناء القرى بالإضافة إلى المجاهدين المتفرغين الذين يزيد عددهم على خمسين مجاهداً وعلى رأسهم الجيلاني، واستطاع الجيلاني أن يسقط ثلاث طائرات إنجليزية في معركة جورة بحلص علماً أنه لم يكن معه من الأسلحة إلا البنادق الخفيفة، أما القوات الإنجليزية فكانت مجهزة بالأسلحة الثقيلة كالمدافع والرشاشات والطائرات. سقطت إحدى الطائرات في جورة بحلص بين حلحول والخليل ونزل الطيار في مظلته وسقف في محجر الحاج عثمان التكروري، وألقى التكروري القبض على الطيار الإنجليزي، وبدلاً من أن يقضي على الطيار الأسير، قام التكروري بالحفاظ عليه وألبسه اللباس العربي خوفاً من تدمير الإنجليز لمدينة الخليل، وعلم الجيلاني أن الطيار الأسير وقع في محجر الحاج عثمان التكروري فذهب الثوار للقبض عليه ولكن التكروري رفض تسليمهم الطيار خوفاً من شنقه من قبل الثوار واستطاع التكروري أن يقنع الثوار أنه من الأفضل عدم قتل الأسير حفاظاً على أرواح الأسرى الثوار المتواجدين بأيدي الإنجليز، وخوفاً من غضب الإنجليز على مدينة الخليل والانتقام منها. وعلم الإنجليز عن مكان وجود الطيار الأسير فطوقوا البيت وسألوا عن مكان الأسير فسلمه التكروري للإنجليز وشكروه على ذلك. وقام الإنجليز بجمع الشباب في الخليل وضربهم كي يعترفوا عن مكان وجود الطيار الثاني الذي سقط شرقي الخليل، لكن العرب لم يعترفوا عن مكان الطيار الثاني، علماً أنهم شاهدوه وهو يهبط في مظلته التي سقطت شرقي المدينة، وربما قتل من قبل الثوار ولم يظهر له أثر، وقد هدد الإنجليز أهل الخليل بإحضار الطيار الأسير الثاني وإلا فإنهم سيدمرون الخليل، عندئذ قام التكروري وقال للإنجليز “إن أهل الخليل لا يعلمون شيئاً عن الأسير الثاني، أما الأسير الأول فأمسكناه وحافظنا عليه كأسير”. واقتنع الإنجليز بكلامه، وبذلك استطاع أن يجنب الخليل من تدمير الإنجليز لها، وأثناء وداع الطيار الأسير الأول قال للعرب أنه لن يضرب أي عربي مدى الحياة لأنهم حافظوا على حياته.

رغم المحاولات المتكررة من الإنجليز للقضاء على الجيلاني إلا أنهم فشلوا وذلك بسبب النجدات (الفزعات) التي كان يقوم بها ثوار الخليل لنجدته ومساعدته، فعندما حوصر الجيلاني في منطقة شعب الملح ذهب لنجدته محمد سليمان عصفور وهو من آل أبو اسنينه ومعه مجاهدون مسلحون وساروا إلى جنوب الخليل كي يعترضوا السيارات العسكرية الإنجليزية القادمة لضرب الجيلاني، إلا أن الطائرات الإنجليزية شاهدت محمد سليمان عصفور وجماعته فقذفته بقنابلها وفتلته وقد استشهد قبل وصوله إلى شعب الملح حيث وجود الجيلاني.

استشهد في هذه المعركة خمسة من المجاهدين هم هاشم الدويك رئيس فصيل حمولة الدويك وعبد الرحمن شاكر الجنيدي رئيس فصائل المنطقة الغربية، وعبد الأشهب رئيس فصيل عائلة الأشهب، والحارس الخاص لقائد الثورة وهو محمد عمر النتشة، والشهيد عبد الفتاح محمد بن بني نعيم، كما جرح سبعة أفراد.

بقي الجيلاني قوياً في منطقة الخليل حتى سقوط مناطق فلسطين بيد اليهود عام 1948م. وهناك ثوار آخرون لعبوا دوراً هاماً في الثورة ( لا مجال هنا لذكر أدوارهم ) ومن هؤلاء عيسى البطاط الذي استطاع أن يهرب من السجن وتمكن من قتل مدير الآثار الإنجليزي ستاركي.  وهناك ثائر ثالث هو سالم السيخ من قرية دورا، الذي هرب من سجنه في عكا والتحق بالثورة في الشمال مع عبد الرحيم الحاج محمد وغيره من الثوار. وقد بث الإنجليز دعاية كاذبة قالوا بأن البطاط والشلف وسالم السيخ هم قطاع طرق ولصوص وذلك كي لا يقوم أهل الخليل بمساعدة هؤلاء الثوار. لكن الشعب في منطقة الخليل قدموا للثوار كل ما طلبوه من مؤنة وغذاء. وهناك ثوار آخرون مثل الحاج ناجي الني القواسمي كان رئيس فصيل وموسى يونس (ضابط المدينة) وحمزه النتشة (مسؤول التجنيد) وداود الحاج داود القواسمي وقد عينه الجيلاني جابياً والجباية عبارة عن تبرعات من الأهالي وليس فرض على السكان. ويوسف جنيد وعبد شاكر جنيد ومحمود عبدا لحافظ شاهين (زريق شاهين) وبدوي جنيد العجوري وغيرهم.

وخططت قيادة الثورة لهجوم جديد على القوات البريطانية وذلك عندما علموا عن وجود قافلة عسكرية بريطانية على طريق الخليل بيت لحم قاصدة بئر السبع، فرابط المجاهدون في قرية بيت خيران، وعندما وصلت القوة العسكرية البريطانية الكمين، أصلاها الثوار ناراً حامية، فطلب الإنجليز النجدة، فسارعت عشر طائرات وقوات بريطانية من القدس والرملة إلى ميدان المعركة، وجرت معركة على طول خمسة كيلو مترات، حاول الإنجليز تطويق الثوار، إلا أن وصول القائد الجيلاني على رأس قوة من مئة مجاهد وعدد من رجال قرى بيت لحم والقدس والخليل أحبط خطة الإنجليز واستمر القتال لمدة 9 ساعات خسر الإنجليز أكثر من 80 قتيلاً واستطاع الثوار من حرق خمس دبابات والاستيلاء على كمية من الأسلحة بينما خسر الثوار ثمانية شهداء وستة من سكان القرى.

 

معركة خربة قلقس:

اشترك الجيلاني في معركة خربة قلقس في بداية عام 1939م. قتل فيها عشرون جندياً بريطانياً واستشهد من الثوار ثلاثة وجرح خمسة. كانت المعركة الفاصلة والتي تعرف بمعركة شعب الملح حيث مقر الجيلاني، وقد وقعت في أيار عام 1939م، اشترك في المعركة عدة آلاف من الجنود الإنجليز و36 طائرة، وقد خطط لها الجنرال دل، استمرت المعركة طوال النهار استشهد خلالها 12 مجاهداً، اتسع ميدان المعركة واشترك فيها مجاهدون من بيت جالا وبئر السبع وخان يونس والساحل الغربي وبيت جبرين. وقد أصيب الجيلاني بعدد من الشظايا وجرح 15 شخصاً. بينما كانت الخسائر الإنجليزية 400 قتيل وجريح. اضطر الثوار المغادرة خاصة بسبب قيام الحرب العالمية الثانية فمنهم من غادر إلى سوريا ومنهم من التحق بالحاج أمين الحسيني، أما القائد الجيلاني فقد رحل إلى مصر وبقي فيها حتى عام 1941م. قابل عبد الحليم الجيلاني أثناء وجوده في مصر الشيخ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين وشرح له ما يعانيه الشعب الفلسطيني ومصير فلسطين المظلم بسبب الإنجليز واليهود، وتوطدت العلاقة بينهما، وأرسله البنا إلى عمان وفلسطين لتأسيس جمعيات للإخوان المسلمين بعد الحرب العالمية الثانية.

وفي عام1944م سافر الجيلاني إلى عمان ومعه سعيد رمضان والشيخ عبد الحي عرفه وإسماعيل البلبيسي من شباب القدس، وقابلوا الأمير عبد الله الذي سمح لهم بتأليف جمعية للإخوان المسلمين في عمان، ثم تشكلت عدة فروع في الزرقاء وإربد وتشكل فرع في القدس. سافر الجيلاني بعد ذلك إلى العراق للاشتراك في ثورة رشيد عالي الكيلاني، وعندما وصلته الأخبار بفشل الثورة اضطر للعودة إلى سوريا والمكوث متخفياً حتى صدر قرار العفو عنه من المندوب السامي مكمايكل في 24/4/1944م، ومما جاء فيه ست بنود تقيده من التحرك ومنها:

“أ- عليه أن يسكن ضمن حدود مدينة الخليل، كما أن عليه أن لا يبرح من حدود مدينة الخليل المذكورة إلا بتصريح قانوني.

ب- عليه أن يمثل لأقرب نقطة بوليس إذا ما طلب منه ذلك من قبل أي فرد من البوليس في اللواء الذي يسكنه، هذا وعليه أن يمتثل مرة في الأسبوع لمركز بوليس الخليل.

جـ- عليه أن يمكث ضمن أبواب منزله من الساعة الواحدة بعد غروب الشمس حتى شروقها ويكون عرضة للتفتيش في منزله من قبل البوليس في أي وقت كان”.

انتهت الحرب العالمية الثانية عام 1945م، وخطط الإنجليز والصهاينة لرفع ملف فلسطين إلى الأمم المتحدة للحصول على قرار دولي بتشكيل كيان صهيوني في فلسطين، وقد صدر قرار التقسيم من الأمم المتحدة بتاريخ 29/11/1947م فدخلت القضية الفلسطينية مرحلة جديدة من الجهاد. فبدأت قوات الجهاد المقدس برئاسة عبد القادر الحسيني بتشكيل اللجان القومية للدفاع عن الوطن.

وعين سماحة المفتي المناضل عبد الحليم الجيلاني قائداً للمنطقة الجنوبية لفلسطين، وتشكلت في تلك الفترة منظمات عسكرية منها “الفتوة” وقد شكلها كامل عريقات، و”النجادة” وقد شكلها نمر الهواري، وقد بلغ عدد المجاهدين في هاتين المنظمتين 500 مجاهد، واتخذوا اللباس العسكري لأفرادها، وقد قابلوا المفتي الحاج أمين الحسيني والملك فاروق الملك المصري وهذه المنظمات كان يصرف عليها الجيش المصري لأن المجاهدين هم جيش نظامي. وكان الجيلاني وتقي الدين النبهاني يرافقان هذا الجيش من المجاهدين. إلا أن المشاكل الداخلية بين الفتوة والنجادة أدت إلى حملها، لذا شكل الجيلاني منظمة الشباب في يافا وشكل النبهاني حزب التحرير الفلسطيني.

بدأ الجيلاني من جديد في نضاله ضارباً عرض الحائط التقيدات التي فرضها عليه المندوب السامي. ففي 22/12/1947م استطاع الجيلاني السيطرة على سيارة من سيارات الجيش البريطاني كانت متجهة لبئر السبع فاستولى على مدفعين وعتاد وملابس عسكرية.

ومن المعروف أن أهل الخليل عندما كانوا يسمعون عن حدوث معركة كان يجتمعون أمام مقر اللجنة القومية، وكانوا يعرفون عن وجود معركة عن طريق إشارات حمراء تطلق من باب الزاوية حيث مركز اللجنة القومية، وكان يشاهد هذه الإشارات معظم أهل الخليل فيذهبون إلى مقر اللجنة القومية بسرعة ويسيرون إلى ساحة المعركة كي يقدموا النجدة إلى إخوانهم في العركة، وعملهم هذا يسمى “فزعة”.

وعندما بدأ الجهاد في فلسطين عام 1948م قام الشيخ حسن البنا بتجهيز بعض الإخوان المسلمين في مصر للاشتراك في الجهاد والدفاع عن قبلة المسلمين الأولى. وبناءً على تكليف المفتي الحاج أمين الحسيني قام المجاهد عبد الحليم الجيلاني بمرافقة الشيخ حسن البنا والشيخ محمد الفرغلي الذين جهزوا عدداً من السيارات وذلك لنقل المجاهدين والأسلحة والتموين إلى غزة ومنها إلى جميع أنحاء فلسطين. مكث الشيخ حسن البنا في غزة مدة أسبوع ثم عاد إلى مصر بعد أن سلّم القيادة للشيخ محمد الفرغلي.

اشترك علماء الدين في الجهاد، فكانوا يقاتلون مع المجاهدين ليلاً ويلبسون العمامة نهاراً، وقد عرف من هؤلاء الشيخ عبد الحي عرفه الذي أصبح مندوب الثورة الفلسطينية في سوريا، والذي قام بتعليم الجيلاني مبادئ الجهاد، والشيخ محمد خلوي الجيلاني الذي كان إمام طابور في الثورة عام 1936م، والشيخ حلمي المحتسب الذي كان يعلم المجاهدين مبادئ الجهاد، وغيرهم من علماء الدين.

معركة بيت لحم الكبرى:

ومن المعارك التي اشترك بها الجيلاني معركة بيت لحم الكبرى- أو معركة الدهيشة وكانت بتاريخ 27/3/1948م، وبدايتها أن المجاهدين في القدس علموا أن هناك قافلة يهودية عليها حراسة مشددة وصلت مستعمرة كفار عتصيون قرب الخليل، وأنها ستعود للقدس، لذا اجتمع عدد من المجاهدين من مناطق بيت لحم وبيت فجار وبيت جالا والخضر وبيت ساحور وعرب التعامرة وجبل الخليل وغيرها تجمعوا على الطريق العام قرب بيت لحم وأعدوا كميناً بعد أن تمنطق بحزام ناسف، وكان المجاهدون قد أغلقوا الطريق في عدة مواقع واشتبكوا مع رجال القافلة في قتال مرير، فأخذ اليهود يهربون، انتصر المجاهدون والتجأ اليهود إلى بيت مهجور واستنجدوا بالقوات البريطانية التي أرسلت لهم الكولونيل هاربر ومعه عدد من الضباط والجنود الإنجليز لإنقاذ اليهود المحاصرين، هدد المجاهدون بإطلاق النار عليهم إن هم تقدموا خطوة واحدة، وأبى المجاهدون إلا أن يستسلم اليهود، لذا تم عقد اتفاق مكتوب بين قائد الجيش الإنجليزي والهاغانا من جهة وبين كامل عريقات نائب القائد العام الذي كان يقود المجاهدين يساعده عبد الحليم الجيلاني ورفيق عويس وجاد الله الخطيب، ثم خرج اليهود من البيت المهجور نحو المجاهدين الذين جردوهم من أسلحتهم وذخائرهم واستلمهم رجال الجيش الإنجليزي، كان عدد قتلى اليهود 129 واستشهد 12 مجاهداً.

استولى الجيلاني على أسلحة اليهود ووزع الأسلحة على المجاهدين، كما استولى على أسلحة إنجليزية نتيجة هجومه على ثكنات الجيش الإنجليزي ومراكزهم كما ذكرنا سابقاً. ومن المعروف أن المجاهدين كانت تنقصهم الأسلحة والذخيرة، وكان المجاهد يبيع أحياناً قطعة أرضه أو يبيع ذهب زوجته كي يشتري قطعة سلاح أو طلقات رصاص.

كان الجيلاني قد اتخذ مقره في دير الطنطورة بتاريخ 22/4/1948م وكان يعمل تحت قيادته أكثر من 500 مناضل، ستة منهم برتبة ضابط وهم عبد القادر زلوم وعبد الحفيظ عسيله ويونس أحمد أبو عمر الجيلاني ومصباح مصطفى حجازي ومحمد يوسف الجيلاني وشحادة أبو ميالة، وكان هؤلاء يتقاضون رواتبهم من الهيئة العربية العليا، وكان الجيش المصري يمونهم بالمؤن والذخائر.

واشترك الجيلاني في معركة جبل المكبر حيث حاول اليهود، وكان عددهم 300 جندي، إخراج الجيلاني من جبل المكبر لأن الجبل كان تحت إشرافه وسيطرته وتحت أمرة الضابطين عبد القادر زلوم وعبد الحفيظ عسيله، إلا أن قوات الجيلاني وبمساعدة قوات صور باهر والقدس والخليل استطاعت أن ترد القوات اليهودية على أعقابها إلى تل بيوت.

واشترك الجيلاني في معركة القسطل في 7/4/1948م عندما أرسل عبد القادر الحسيني رسولاً يطلب المدد والنجدة من المناطق المجاورة. وما أن تمت محاصرة اليهود لعبد القادر الحسيني ورجاله في القسطل حتى زحف المتطوعون والمجاهدون من كل حدب وصوب لنجدته.

كما أرسل السيد أنور نسيبه – سكرتير اللجنة القومية في القدس – إلى عبد الحليم الجيلاني رسالة ذكر فيها أن يسرع إلى الالتحاق بقوات عبد القادر الحسيني لمساندته في القسطل، فوصل القسطل قاسم الريماوي يقود مجموعة من شباب الجهاد المقدس، والحاج عبد الحميد المدني يقود عدد من حراس الحرم الشريف، وعبد الحليم الجيلاني يقود مجموعة من أهل الخليل وبهجت أبو غربية ومحمد عادل النجار على رأس مجموعة من شباب القدس ورشيد عريقات وجمال رشيد يقودان بعض جماعات المتطوعين. وقد استشهد عبد القادر الحسيني في هذه المعركة بسبب عدم التوازن بين العرب واليهود في الأسلحة والعتاد وعدد النجدات اليهودية المتكررة ويذكر بهجت أبو غربية في مذكراته بعد استشهاد عبد القادر الحسيني أن المجاهدين في هذه المعركة الذين كانوا مع أبو غربية والمجاهدين الذين مع محمد عادل النجار بقوا في القسطل للدفاع عنها. وأن الجيلاني بعث لبهجت رسولاً أخبره بأنه على استعداد لمساعدة أبو غربية إذا طلب ذلك. وأنه على بعد 5كم منه وأنه يقيم في قرية صوبا.

وفي 6/5/1948م هاجم اليهود قافلة عربية كانت في طريقها من القدس إلى الخليل وكانت القافلة مكونة من 30 سيارة مدنية وعسكرية، طلبت القافلة نجدة عربية فجاءت النجدة من القدس يقودها حكمت مهيار من الجيش الأردني، كما وصلت نجدة من الخليل بقيادة الجيلاني ومعه 400 مجاهداً، زحف الجميع نحو دير الشعار الذي يقيم فيه اليهود الذين اعترضوا القوافل العربية، وبعد معركة قصيرة هرب اليهود إلى كفار عتصيون، بينما ذكر القائد الأردني عبد الله التل في مذكراته عن هذه المعركة أن اليهود كانوا قد استولوا على دير الشعار المشرف على الطريق الرئيسية بين الخليل والقدس، ,أن التل اتفق سراً مع الضابط الذي يقود القافلة العربية أن يتحرش بالمستعمرة عند عودته من رفح للقدس، وبعد ظهر 7/5/1948م استلم برقية مستعجلة من قائد القافلة يشير فيها إلى اشتباكه مع يهود المستعمرة، فعرض البرقية على غلوب باشا قائد الجيش الأردني (الإنجليزي) وتظاهر التل أن المستعمرة هي المعتدية واستأذنه في السفر لإنقاذ القافلة، فاشتبك مع اليهود وأنقذ القافلة وبدأ يخطط أثناء الليل لهجوم يشنه على المستعمرة في الصباح. احتل الجنود الأردنيون والمجاهدون دير الشعار وهرب اليهود منه لكن وصلت برقية من غلوب إلى التل تقول: “كفوا الهجوم عن المستعمرة إذا لم يهاجموكم لا تعتدوا عليهم”.  كان اليهود في كفار عتصيون يعيقون حركة التنقل العربية من القدس للخليل لكثرة الهجوم على العرب في هذه الطريق، عندئذ قرر الجيلاني إنهاء هذا الخطر الخبيث في المنطقة، فوضع خطة لاحتلال المستعمرات الواقعة على طريق القدس الخليل، وكانت الخطة تقضي التعاون مع بعض ضباط الجيش الأردني مثل عبد الله التل ومحمد أبو رغدة ونزار المفلح وحكمت مهيار وقسيم محمد قاسم الناصر وحمد أبو دخينة وسعود الخشمان ومدير البوليس في بيت لحم والخليل محمد العناني. اقتحمت الدبابات الأردنية والمناضلون الفلسطينيون في فجر 12/5/1948م مستعمرة كفار عتصيون، وقتل من اليهود حسب إحصاءاتهم 100 جندي يهودي بينما ذكر الجيلاني أن قتلى اليهود بلغ أكثر من 700 جندي يهودي، واستشهد من العرب 100 شهيد وهكذا انتصر العرب في كفار عتصيون. وفي 15/5/1948م سلّم الصليب الأحمر رسالة إلى الجيلاني من اليهود الذين يقطنون المستعمرات الثلاث المجاورة موفقتهم على التسليم، وهي مستعمرات نحالين والحبيلة وبيت اسكاريا (ريفاديم وعين تسوديم وماسوتوت يسحق). أبرق الجيلاني إلى ضابطي البوليس الأردني في الخليل وهما حكمت مهيار ونزار المفلح القدوم إلى كفار عتصيون لاستلام اليهود الذي بلغ عددهم 297 رجلاً و53 امرأة.

ويذكر عبد الله التل في مذكراته أنه استلم برقية من حكمت مهيار قال فيها أن المستعمرات المجاورة لكفار عتصيون عرضت أن تسلم بواسطة الصليب الأحمر حسب الشروط التالية:

  1. تسليم السلاح للعرب.
  2. أخذ الرجال أسرى حرب.
  3. تسليم النساء والأطفال والعجزة للصليب الأحمر. وأن الوكالة اليهودية وافقت على هذه الشروط، ويضيف التل أن الجيش الأردني أخذ 350 أسيراً إلى المفرق شرقي الأردن وأن المستعمرات الثلاث استسلمت.

وتأكيداً لرواية التل ذكر الجيلاني أنه استطاع أسر هذا العدد من اليهود 350 أسيراً يهودياً ولم يضرهم ولم يؤذهم بل سلمهم للجيش الأردني وكان قادراً على إبادتهم لكنه لم يفعل ذلك. واستطاع الجيلاني من تدمير رامات راحيل ثلاث مرات مع الضابط المصري أحمد عبد العزيز.

كانت الحراسة على أماكن تواجد المجاهدين مستمرة، وكانت كلمة سر الليل التي يحفظها الحارس الليلي عن ظهر قلب تتغير كل أسبوع وذلك كي لا يستطيع اليهود اقتحام أماكن وجود المجاهدين.

وبهذا استطاع المجاهدون مسح هذه المستعمرات من طريق الخليل ونتيجة لتدميرها زال الخطر الذي كان يهدد لواء الخليل. وهكذا أدى التعاون بين الجيش الأردني والمناضلين نتائج باهرة ويعود هذا النجاح إلى عبد الله التل وسامي الحسيني ونواف جبر وتفاني مناضلي الخليل بقيادة الجيلاني.

حصار الفالوجة نوفمبر 1948:

حاصرت القوات اليهودية الجيش المصري في الفالوجة في تشرين ثاني عام 1948م وكان عددهم 2500 جندي مصري وكانت القوة المحاصرة بقيادة العميد السيد طه والرائد جمال عبد الناصر واستمر الحصار مدة 125 يوماً دون أن يفكروا في الاستسلام. وقد كلفت الجامعة العربية القائد عبد الحليم الجيلاني بتزويد وتموين حامية الفالوجة المحاصرة، وقام بالفعل بتزويد الحامية مدة ثلاثة أشهر وكانت وسيلة النقل (50) جملاً يحملون عليها الذخيرة والتموين سراً. وتمكن اليهود أخيراً من كشف القافلة من الجمال فنصبوا لها كميناً وألقوا القبض عليها وتم أسر معروف أحمد الخضري، وبعد إطلاق سراحه سجن في مصر وقد أخرجه من السجن الرئيس جمال عبد الناصر. استمرت المعركة حامية الوطيس حتى الفجر حيث تمكن الجيلاني وجماعته من الانسحاب إلى الخليل وتعتبر هذه المعركة الأخيرة في حياة الجيلاني، حيث صدر الأمر من القيادة الأردنية آنذاك بانضمام جيش الجهاد المقدس بعموم رتبه العسكرية إلى الجيش الأردني النظامي مع الاحتفاظ بكامل حقوقه كبقية الجيش الأردني باعتباره قطعة منه. كان جيش الجهاد المقدس قد تعاون مع الجيش المصري، وكانت الجامعة العربية تصرف عليه. كان المفتي قد وجه دعوة إلى الجيلاني في دير الطنطور في بيت لحم للحضور إلى غزة، فحضر الجيلاني مع 250 من المناضلين وكان جمال الصوراني مساعداً للجيلاني. وفي غزة كلف الجيلاني كلاً من الملازم أول عبد الحفيظ عسيله والضابط محمد يوسف الجندي والشاويش سعيد أبو خلف بحراسة الحاج أمين الحسيني. كما قام الجيلاني ورجاله بحراسة أعضاء حكومة عموم فلسطين يوم تكونت في غزة في 1/10/1948م. وذلك بعد أن وجهت الدعوات لـ 151 شخصية فلسطينية وتم افتتاح المجلس الوطني الفلسطيني أعماله في 30/9/1948 بمدرسة الفلاح الإسلامية في غزة وأعلنت قيام حكومة عموم فلسطين ورئيسها أحمد حلمي. وبعد تأسيس حكومة عموم فلسطين وجهت القيادة المصرية أمرا للحاج أمين بالحضور إلى مصر وحل هذه الحكومة، ورغم ذلك بقي الجيلاني في غزة.

كان السيد ياسر عرفات (أبو عمار) قد زار فلسطين بعد حرب حزيران عام 1967م، وقد مكث أبو عمار في زيارته السرية مدة 42 يوماً في بيت عبد الحليم الجيلاني، وكان الحرس الخاص له جمال ابن عبد الحليم الجيلاني ثم استطاع أبو عمار العودة إلى الأردن بواسطة جمال الجيلاني الحارس الخاص.

كان عبد الحليم الجيلاني يسكن في عمان يعاني من آلام الغربة عن الوطن ويعاني من شظايا القنابل سنوات طويلة لأنه جرح مراراً في المعارك التي خاضها. وقد عولج أثناء وجوده في الأردن عام 1972م على نفقة رؤساء الوزارات الأردنية. ومنهم أحمد اللوزي ومضر بدران وزيد الرفاعي.

وعندما رجع الجيلاني إلى الخليل من الأردن عبر جسر اللينبي أوقفته المخابرات الإسرائيلية، وقابله الكابتن هارون ضابط المخابرات الصهيوني، وبعد توجيه عدة أسئلة واتهامات للجيلاني تم سجن الجيلاني 32 يوما في أريحا. وقد هدمت القوات الإسرائيلية بيته في أريحا وفي الخليل، كما سجنت إسرائيل ابنه جمال مدة 5 سنوات لأنه قام بحراسة أبو عمار أثناء زيارته السرية إلى القدس. ويعيش عبد الحليم الجيلاني الآن في الخليل في بيت متواضع على تلة تشرف على شعب الملح، المكان الذي له فيه ذكريات البطولة والشرف.

 

خاتمة:

عبدالحليم الجيلاني ولا يكاد يذكره احد هذه الايام كان قبل ستين عاما ملء السمع والبصر وكان بطلا قل ان قدم احد ما قدمه من بطولات للدفاع عن ارض فلسطين.

وكان رفيق جمال عبدالناصر والسيد طه عندما حوصر الجيش المصري في الفالوجة وهو الذي كان يخرق عليهم الحصار ويؤمن لهم الغذاء والدواء بناء على طلب من الجامعة العربية، وكان يعتمد في خرقه الحصار على 45 جملا يحملها التموين والذخيرة ذهابا والجرحى ايابا، ويقول السيد احمد الشقيري الامين العام المساعد للجامعة العربية في ذلك الحين ان الجيلاني كان هو الذي ينفق طيلة ثلاثة اشهر على فك هذا لحصار عن الجيش المصري من جيبه الخاص. واصبح القائد الجيلاني بطلا يفاخر به كل فلسطين ويغيظ كل الاعداء والطامعين حتى ان القيادة البريطانية رسمت خطة لأنهاء اسطورته خصوصا عندما اقام كمينا لقافلة من سيارات الجيش البريطاني القادمة من منطقة القدس للخليل فأقام لها الكمين في موقع جورة بحلص وهي منطقة زراعية تقع ما بين الخليل وحلحول وقد استطاع تدمير القافلة وقتل سبعين جنديا بريطانيا مما دفع الجيش البريطاني الى اشراك خمس طائرات في تلك المعركة للانتقام من المجاهدين الذين سجلوا انتصارا على القوات البريطانية ولقد استطاع البطل الجيلاني ان يسقط اول طائرتين في سماء فلسطين عندما كان يختبىء وراء الصخور ثم يقفز على الصخرة عندما تقترب الطائرة ويصوب بندقيته نحو قائدها ويصيبه بمقتل تهوي بعد ذلك الطائرة وفعلا كانت اول طائرتين تتحطمان في معارك فلسطين وقد اصابهما البطل الجيلاني فسقطت الطائرة الاولى على الطريق الرئيسي في جورة بحلص واحترق فيها الطياران اما الثانية فقد تحطمت ووقعت جنوب الخليل وقتل احد طياريها بينما الثاني استطاع الهرب واللجوء الى احد البيوت التي آوته وسلمته للحاكم البريطاني.

الفقيد الكبير الذي غاب عن فلسطين دون ان يتحقق الحلم الذي طالما عاشه وهو تحرير فلسطين من الاعداء وذهب بكل هذا الهدوء وكأنه لم يكن ذات يوم او ذات مرحلة البطل القومي الذي كان كل يوم في حياته مدرسة كان يجب ان تتعلم منها الاجيال معنى الجهاد وطريق الجهاد ومصير الجهاد.

المجد والخلود لبطلنا القائد ولجميع ابطال فلسطين الذين يضربون الامثال أن الابطال ليسوا مثل الممثلين لا يسعون الا للثروة والدعاية والظهور.

انهم اعطوا الف دليل ان الجهاد له درب واحد وهو درب التضحية ونسيان الذات والانتصار للوطن مهما كانت الصعاب وبلغت التضحيات.

كان صديقاً للمفتي الحاج أمين الحسيني وصديقاً للشيخ حسن البنا زعيم حركة الإخوان المسلمين وصديقاً للرئيس ياسر عرفات، وعاش وتوفي في مدينة الخليل في زاوية النسيان.

بعد النكبة استقر به المقام في مزرعته في تلول الحمر عند عرب النعيرات ليعمل فيها. وعاش بقية حياته في الأردن، بعد أن انتقل إليها للإقامة اثر حرب حزيران سنة 1967م. و بقي يعيش هناك حتى سنة 1993م حيث صدر له كتاب عن دار الجليل للمطبوعات. عبد الحليم الجيلاني، الذي أمضى حياته مجاهداً يقارع الإنجليز والصهاينة، يواجه دبابات الإنجليز وطائراته، ويواجه العصابات الصهيونية وقد انتصر عليهم مراراً.

استطاع هذا الثائر المجاهد المنسي أن يغطي حقبة من تاريخ فلسطين، وأن يقود المجاهدين من نصر إلى نصر، خطط لتمدير أهداف عسكرية إنجليزية ونجح في الوصول إليها وتدميرها، وخطط لمسح مستوطنات صهيونية فوصلها وحاربها ومسحها من الوجود في حينه.

توفي المناضل الجيلاني في مدينة الخليل في 19/8/2002 وجرى له تأبين كبير.

المراجع:

  1. عبد الحكيم سمارة    
  2. http://www.aljabha.org/?i=77468
  3. http://www.addustour.com/12934/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%A7%D8%B6%D9%84+%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%8A..+%D8%B1%D8%AD%D9%84+%D8%A8%D8%B9%D8%AF+%D8%A7%D9%86+%D8%AD%D8%AF%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%82+%D9%84%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1!…*%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85%3A+%D8%B9%D8%B1%D9%81%D8%A7%D8%AA+%D8%AD%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D9%8A.html           المناضل الجيلاني.. رحل بعد ان حدد الطريق للتحرير!…

                                                           بقلم: عرفات حجازي –  جريدة الدستور السبت، 24 أغسطس/آب، 2002

 

 

 

 

Standard

Leave a comment